المصيبة التي لا تـقـتـلنـي تجعلني أكثر قوة “

المصيبة التي لا تـقـتـلنـي تجعلني أكثر قوة “

 

طبيعة الحـياة ألا تسير حسب مشيئة الإنسان أو رغبـته، فهو يخطط ويرسم للأيام مسيرا يوافق هواه، والأيام تسير في أمورها باتجاه قـد يوافـق هـواه وقد يخالفـه وقد يناقضه، وقـد عبر عن ذلك الشاعر فقال :
” مــا كــل مــا يتمـنــــى المــــرء يـــدركه تجـري الرياح بمـا لا تشتهي السفن ” و كل أمر لا نتوقعه، يكون أشد على نفوسنا، ونعتبـره من المصائب والنكبات وليس من العار أن نتعرض للنـكبات بل علينا مواجهتها وتحديدهـا بقوة ومقاومتها للتغلب عليها، ولكن العار هو أن تحولنا النكبات من أشخـاص أقوياء إلى أشخاص ضعفاء لا نستطيع مواجهتها أو التغـلب عليها.

إن كل مصيبة هي في حقيقتها تجربة، يمكـن الاسـتفادة منها، و أول استفادة تكون في تجنب أسبابها، بحيث لا يقع فيها الإنـسان مرة ثانية، وقد نبه رسول الله – صلى الله عليه و سلم – حين حث المؤمنين على الاستفادة من الخطأ بحيث لا يتكرر فقال: ” لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ” فالذي يلدغ من جحر مرتين هو ذلك الغافل الذي لم يستفد من تجربته، فالمصيبة إذن يمكن أن تنعكس على صاحبها خبرة وقوة، وبذلك يصبح أقدر على مواجهة الصعاب، وأقوى في الوقوف أمامها.

وعندما قال أحد الفلاسفة: ” المصيبة التي لا تقتلني تجعلي أكثر قوة “ بين لنا أنه يستفيد من كل مصيبة تمر به، والمصيبة العظمى التي تقتله هي الوحيدة التي لا يستفيد منها.

إن الحـياة مدرسـة مفتوحـة، لا تفتأ تلقـي عليـنا الدرس تلـو الدرس، فمن أخفـق في درس فعـليه أن يتجنب عوامل الإخفـاق في درس تال، فإذا اسـتطاع ألا يقـع فـي الخطـأ الواحـد مرتيـن، كان ناجـحا ولاشـك، وإذا استفـاد من جميـع مصائبـه، أصبـح أكثـر قـوة، وأقـدر علـى حيـاة من طبيعتهـا ألا تهادن الإنسان، فهي في حرب معه، فإن تعلم قيادتها استطاع أن يخرج من معاركها جميعا يحمل راية النصر، مكللا بالغار، حاملا أسباب قوة تضاف إلى قوته.